إن هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع أنت موافق على استخدامها. اقرا المزيد
هل سيستمر المتداولون بتجاهل الحقائق والتعلّق بآمال التعافي الاقتصادي السريع؟

هل سيستمر المتداولون بتجاهل الحقائق والتعلّق بآمال التعافي الاقتصادي السريع؟

10 مايو 2020 03:24 م

شهدنا خلال الأسبوع الماضي توجّهاً للمتداولين نحو أسواق العائد المرتفع، وارتفعت العديد من مؤشرات الأسهم حول العالم على مدى تداولات الأسبوع، رغم أن الحقائق الاقتصادية تثبت بأن الاقتصاد العالمي وقع في ركود ربما هو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. ويأمل المتداولون بأن يعود النمو الاقتصادي وتنتهي فترة الركود خلال فترة قصيرة، خصوصاً بعدما توجّهت عدّة دول مثل الولايات المتحدّة وألمانيا وعدّة دول أخرى لتخفيف إجراءات العزل.

وأشارت البيانات الاقتصادية الصادرة الأسبوع الماضي إلى أن أسواق الوظائف الأمريكية في أسوأ وضع لها تاريخياً، بعدما فقد 20.5 مليون موظّف وظائفهم خلال شهر واحد، في أسوأ كارثة في قطاع الوظائف الأمريكية، كما ارتفعت نسبة البطالة إلى أعلى مستوى قياسي عند 14.7%، ورغم أنها جاءت أفضل من التوقعات، إلا أنها أيضاً تعتبر الأسوأ على الإطلاق.

والبيانات التي صدرت من دول منطقة اليورو، أفادت بانكماش حاد في القطاعات، لتثبت بأن الدول الأوروبية لم تشهد مثل الظروف الاقتصادية الحالية منذ الحرب العالمية الثانية.

وتسبب انتشار فيروس كورونا في كل هذا الدمار الاقتصادي، حيث أجبر الحكومات على اتخاذ إجراءات حجر واسعة، وهي السبب وراء التدهور الاقتصادي الذي حصل. لكن في نفس الوقت، نجد بأن فك إجراءات الحجر ساهمت في تحسين معنويات المتداولين ودفعهم نحو الأصول مرتفعة العائد، لأن الاعتقاد السائد بأن تخفيف إجراءات الحجر سيكون سبباً لعودة الظروف الاقتصادية لما كانت عليه بشكل تدريجي، وربما يخرج الاقتصاد العالمي من ركوده الأسوأ منذ 90 عاماً.

هذا الأسبوع، سنستقبل العديد من البيانات الاقتصادية المهمة، والتي تشمل مؤشر سعر المستهلك الأمريكي المتوقّع له أن يظهر انخفاضاً في التضخم إلى -0.7%، كما سنكون مع بيانات الناتج المحلي الإجمالي البريطاني التي من المحتمل لها أن تظهر انكماشاً مقداره -2.5% في الاقتصاد خلال الربع الأوّل الماضي من هذه السنة. كذلك من أستراليا، سنستقبل بيانات الوظائف التي من المحتمل أن تظهر ارتفاع نسبة البطالة إلى 8.3%. مع تقدّمنا في الأسبوع، سنتوقّف مع بيانات الناتج المحلي الإجمالي الألماني التي من المحتمل أن تظهر انكماش الاقتصاد بنسبة -2.3%، وكذلك مبيعات التجزئة الأمريكية التي ستظهر حتماً انكماشاً كبيراً، من المقدّر أن تكون نسبته -11%.

لا شك في أن كل تلك البيانات المنتظرة ستثبت أكثر مدى تعمّق الاقتصاد العالمي في الركود. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي إن أحدث البيانات الاقتصادية للكثير من الدول تأتي دون توقعات الصندوق المتشائمة بالفعل لانكماش بنحو 3 % في 2020. وتوّقع بنك إنجلترا المركزي انكماشاً بنحو 14% خلال هذه السنة، كما أن اقتصاد منطقة اليورو من المحتمل أن ينكمش بنسبة 7.7% هذه السنة.

لكن، يبدو أن المتداولين في الأسواق المالية يتجاهلون كل ذلك، معلّقين آمالهم في عودة النمو الاقتصادي السريع خلال النصف الثاني من هذه السنة.

بالنسبة لأسواق الطاقة، وتحديداً تحرّكات أسعار النفط، يرى المتداولون حالياً بأن الأسوأ قد مَرّ، في ظل بدء تنفيذ خفض الإنتاج من منظّمة أوبك ولحفائها (أوبك+) بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً، وتوقعات وكالة رويترز بأن ينخفض الإنتاج الأمريكي بحوالي 1.7 مليون برميل الشهر المقبل.

لذلك، نجد بأن أسعار النفط ارتفعت صعوداً خلال الأسبوع الماضي، وربما ترتفع أيضاً على مدى تداولات الأسبوع جنباً إلى جنب مع مؤشرات الأسهم، والأسباب كما أشرنا مبنية على توقعات مستقبلية بعودة الاستقرار في الاقتصاد العالمي.

لكن من الجيد هذا الأسبوع أن نراقب تصريحات من أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي تشمل تصريح رئيس البنك يوم الأربعاء المقبل. كذلك، سنقف مع تصريح لمحافظ بنك إنكلترا المركزي يوم الخميس. لكن هذا ليس كل شيء، بل لا يجب أن نستبعد تصريحات من عدّة بنوك مركزية بشكل غير مجدول على أجندتنا الاقتصادية، في ظل الظروف الغير اعتيادية التي يشهدها العالم.

وقال البنك المركزي الصيني اليوم الأحد إنه سيعزز الإجراءات الاستثنائية لدعم الاقتصاد وسيجعل السياسية النقدية أكثر مرونة من أجل التصدي للمخاطر المالية. وقال البنك إنه سيحافظ على سيولة وفيرة مستعينا بإجراءات تتعلق بالسياسات الكلية والهيكلية وسيواصل تعميق إصلاحات أسعار الفائدة للمساهمة في خفض تكلفة الاقتراض وتخصيص الموارد المالية على نحو أكثر فعالية.

من هنا نرى بأن البنوك المركزية حول العالم ربما ستستمر في توجيه تحفيزاتها الاقتصادية للاقتصاد العالمي، لمنع انزلاقه في كسار يصعب الخروج منه. وسننتظر يوم الأربعاء المقبل قرار بنك نيوزلندا المركزي لأسعار الفائدة، ومن المحتمل أن يحافظ في قراره على سعر الفائدة عند 0.25%. لكن، لا يجب استثناء توجه البنك لسياسات تحفيزية للاقتصاد.

وما يجب الانتباه له هذا الأسبوع أيضاً هو أي تطورات في العلاقات السياسية الأمريكية الصينية، خصوصاً مع الاتهامات التي ألقى بها الرئيس الأمريكي على الصين بأنها أخفت معلومات تخص انتشار فيروس كورونا. لكن ما خفف آثار هذه التصريحات هو المباحثات التي تم عقدها بين الولايات المتحدّة والصين، والتي تم خلالها مناشدة غرفة التجارة الأمريكية الصين زيادة مشترياتها من البضائع الأمريكية بشكل كبير في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد الصيني من تفشي فيروس كورونا المستجد، قائلة إن زيادة المشتريات سيدعم كلا البلدين والاقتصاد العالمي.

وفي حال استمرت الدول بتخفيف إجراءات الحجر، فربما نرى استمراراً في توجّه المتداولين لأسواق العائد المرتفع، لترتفع بذلك مؤشرات الأسهم خلال هذا الأسبوع. وبالنسبة لأسعار النفط، فربما أيضاً ستشهد هي الأخرى توجّهات صاعدة إجمالية مرافقة لإجراءات فك الحجر التدريجي، لأن تخفيف إجراءات الحجر تعني زيادة الطلب على الوقود.

بالنسبة للدولار، فربما يستمر بالتذبذب الشديد ضمن نطاقات، لكن في حال ظهر بأن الحكومة الأمريكية أو الفيدرالي الأمريكي في توجّه لمزيد من خطط التحفيز، فربما عندها نرى بعض الانخفاض فيه.

وبالنظر إلى تحرّكات أسعار الذهب، فالاتجاه الصاعد طويل الأمد ومتوسط الأمد قد يكون صاعداً بتحفيز من سياسات البنوك المركزية حول العالم. لكن على المدى القصير، فالتذبذب والتوّتر في الحركة قد يبقى مسيطراً بين موجات زيادة الطلب واخفاض الطلب، بتناول المتداولين بين طلب الملاذ الآمن وتفضيل الأصول مرتفعة العائد.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط